1. الرئيسية
  2. المقالات
  3. تعرف معنا على الحقيقة وراء مرض الفصام

تعرف معنا على الحقيقة وراء مرض الفصام

 

يقول أحد مرضى الفصام: “يمكننا أن نعيش مثل أي شخص آخر ولكن وصمة المرض التي يجبرنا عليها المجتمع هي جزء أساسي من المشكلة”.

الفصام أو ما يعرف بـ(الشيزوفرينيا – schizophrenia)، هو مرض نفسي مزمن يصيب 1% من سكان العالم، ويتكون الاسم من مقطعين باللغة اليونانية وهما “schizo” التي تعني انقسام أو انفصال، و”phrenia” التي تعني الدماغ أو العقل. وهو مرض مختلف عن الانفصام الذي يعتبر انقسام للشخصية ويصنف ضمن اضطرابات الشخصية وسيتم توضيح الفرق بعمق فيما يلي.

 

ما هو الفصام؟

يعد الفصام من الأمراض النفسية الخطيرة التي تؤثر على أسلوب تفكير المصابين وإدراكهم للحياة ومشاعرهم وسلوكهم، كما أن مرضى الفصام يعانون من الهلاوس والتخيلات الوهمية والانفصال عن الواقع، ويعد هذا من أكثر الأعراض تأثيراً على جودة الحياة، لأنه يسبب قلقا شديدا للمريض وللمحيطين به على حد سواء. ولكن الجانب المشرق لهذا المرض هو أنه يمكن السيطرة عليه عن طريق الانتظام في تناول بعض الأدوية.

 

 

مراحل مرض الفصام:

1- مرحلة ما قبل المرض: تتسم هذه المرحلة ببعض الصعوبات المعرفية والاجتماعية، مثل التأخر الدراسي وصعوبة التعلم والاندماج مع الآخرين، فإذا لاحظت هذه العلامات فربما تكون مؤشر لضرورة زيارة الطبيب، علماً بأن هذه الأعراض الأولى قد تكون أعراض لاضطرابات أخرى.

 

2- المرحلة المبكرة للمرض: حيث تتضخم الصعوبات المعرفية والاجتماعية وقد تبدأ بعض الأعراض الذهانية العابرة مثل الهلاوس والأوهام، ولكن في هذه المرحلة يكون المريض على دراية بأن هذه الأفكار والهلاوس ليست حقيقية.

 

3-المرحلة الذهانية: هي المرحلة التي يبدأ فيها الذهان الصريح وسرعان ما تبدأ وتطور الأعراض، وفي هذه المرحلة يكون المريض على اقتناع تام بأن هذه الأوهام والهلاوس حقيقية، لذلك يجب البدء في العلاج الدوائي باستشارة الطبيب على الفور.

 

4- المرحلة الانتقالية: تأتي هذه المرحلة بعد الفترة الذهانية الأولى وقد يتعافى المريض في هذه المرحلة ولكنه لا يزال عرضة للانتكاس. تتسم هذه المرحلة أيضاً باحتمالية كبيرة لظهور الأمراض النفسية الأخرى كاضطراب القلق والاكتئاب.

 

5-المرحلة المزمنة: تعتبر المرحلة الأخيرة حيث يكون المريض أكثر توازناً وفهماً لطبيعة المرض، وقد يختبر أعراض معرفية وسلبية دائمة، وسيتم شرح هذه الأعراض فيما يلي.

 

 

أنواع الفصام:

1- فصام جنون العظمة (فصام بارانويدي): حيث يتخيل المريض أنه شخص مستهدف، وربما يعتقد أن جهة ما تراقبه، أو أن شخصاً ما يطارده، وقد يرى ويسمع المريض هلوسات تؤكد له هذه الأوهام.

 

2- الفصام الجامودي (catatonic schizophrenia): حيث يصاب المريض بالجمود التام ولا يستجيب عاطفياً ولا جسدياً ولا عقلياً لأي مؤثر، وقد يستمر في هذا الوضع بلا أية حركة وكأنه قد أصيب بالشلل. إذا استمرت الأعراض لساعات عدة فإنها تلزم تدخل طبي طارئ.

 

3- الفصام غير المتميز (undifferentiated schizophrenia): تكون الأعراض غير واضحة والمشاعر والأفكار مضطربة وغير منتظمة.

 

4- الاضطراب الفصامي العاطفي (schizoaffective disorder): يعاني المريض من أعراض الفصام بالإضافة إلى اضطراب أو أكثر من اضطرابات المزاج مثل الاكتئاب وثنائي القطب.

 

ما هي أعراض الفصام؟

عادةً ما تظهر أول أعراض الفصام في السنين الأخيرة من المراهقة أو بدايات العشرينيات بالنسبة للذكور، وأوائل العشرينيات أو الثلاثينيات بالنسبة للإناث، علماً بأنها تصيب الذكور بنسبة أكبر.

تبدأ الأعراض تدريجياً عن طريق تغير تفكير الشخص وسلوكه مما ينعكس على تصرفاته وعلاقاته الاجتماعية وحياته العملية حتى تظهر الموجة الأولى من الذهان ويتم التشخيص.

1- أعراض ذهانية:

تشمل هذه الأعراض المفاهيم المتغيرة والإدراك المختلف (مثل تخيل المريض رؤية بعض الأشياء أو سماع أصوات غير واقعية وكذلك الإدراك بالحواس الأخرى مثل اللمس والشم)، كما تشمل أيضاً التفكير غير الطبيعي والسلوكيات الغريبة.

وقد يفقد المصابون ارتباطهم وإحساسهم بالواقع ويبدؤون برؤية العالم من حولهم رؤية مشوهة غير حقيقية متمثلة في:

  • الهلوسات مثل سماع أصوات ما أو رؤية أشخاص وأحداث غير حقيقية.
  • الأوهام وهي معتقدات راسخة ليست مبنية على حقائق منطقية، مثل جنون العظمة المتمثل في اقتناع المصابين بأن جهة ما ترسل لهم رسائل خفية في الراديو أو الإنترنت أو مخاوف من مطاردة الآخرين لهم.
  • اضطراب الفكر الذي يظهر في الأفكار غير العقلانية والكلام غير المرتب.

 

2- أعراض سلبية:

تشمل هذه الأعراض فقدان الحافز للحياة وعدم الاستمتاع بالأنشطة اليومية مما يؤثر على حياة المريض سلبياً، ومن هذه الأعراض:

  • عدم القدرة على التخطيط والاندماج الاجتماعي نتيجة فقدان الحافز.
  • عدم الاستمتاع بالأنشطة نتيجة عدم اهتمام المريض بالحياة، مما يؤدي إلى ضعف الأداء.
  • التأثير المسطح (Flat affect) ويعني جمود تعابير الوجه وعدم تغير نبرة الصوت مع اختلاف المشاعر نتيجة عدم القدرة على التعبير عن المشاعر، مما يؤدي إلى قلة الحديث والانسحاب الاجتماعي.

3- أعراض معرفية:

تشمل هذه الأعراض مشاكل في الذاكرة، وصعوبة التركيز والانتباه، وتختلف شدة الأعراض من شخص لآخر، حيث إنها قد تعطل الحياة بشكل واضح لتعارضها مع تعلم أشياء جديدة وتذكر بعض المواعيد، ومن أهم المشاكل التي تسببها هذه الأعراض:

  • صعوبة استيعاب المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات.
  • صعوبة استخدام المعلومات بعد معرفتها مباشرةً.
  • عدم القدرة على التركيز.

عوامل الخطر:

إذا كانت لديك إحدى علامات الخطر فأنت أكثر عرضة لمرض الفصام وعليك الأخذ باحتياطاتك، وعادةً ما تنقسم عوامل الخطر في الأمراض النفسية لثلاث فئات:

  • عوامل جينية: التاريخ العائلي المرضي مهم، لأنه إذا كان أحد الأقارب مصاباً بالشيزوفرينيا فإن نسبة العرضة للإصابة تزيد ولكن هذا لا يعني أنه من المؤكد إصابتك، ولكنه يبقى احتمالا ممكنا.

 

  • عوامل بيئية: البيئة المحيطة للأشخاص تلعب دورا هاما جدا في صحتهم النفسية، حيث أثبتت الدراسات أن التعرض لبيئة مليئة بالضغط والتوتر مع توافر الجينات المسؤولة عن ظهور المرض يعد من عوامل الخطر. وهذه البيئة قد تكون نتيجة الفقر الشديد أو التعرض لأمراض وفايروسات، أو سوء التغذية قبل الولادة.

 

  • عوامل دماغية: تشير بعض الأبحاث إلى تأثير اختلاف تركيب الدماغ وتفاعلات الناقلات العصبية في الفصام، إن التغير في نسب بعض المواد في المخ أو في الاتصال والترابط بين أجزاء الدماغ -علما بأن تغير دوائر الدماغ قد يبدأ حتى قبل الولادة- قد يكون ذا أثر، وقد تكون التغيرات الدماغية في فترة البلوغ عاملا مؤثرا للأشخاص الأكثر عرضة جينياً أو بيئياً.

 

ما هي طرق الوقاية من الفصام؟

تسعى طرق الوقاية إلى السيطرة على المرض في المرحلة المناسبة وبطريقة مؤثرة، إن بعض الدراسات تشير إلى نسبة تحول 30% من نسبة المصابين من المرحلة المبكرة إلى مرحلة الذهان، لذا تتجه الدراسات نحو البحث عن آلية لمعرفة المصابين الأكثر عرضة للتحول، حتى لا يتم استخدام طرق وقاية لنسبة من المصابين الذين لن يتحولوا لمرضى ذهانيين.

 

إذا كان أحد أقارب الأب أم الأم مصاباً بالفصام، فعلى الأم الاهتمام بالجنين وغذائه وتوفير بيئة خالية من التوتر خلال فترة الحمل للحد من نسبة حدوث الشيزوفرينيا، وأيضاً يتم مراعاة الطفل وحمايته من التعرض للأذى النفسي أو الجسدي أو التنمر، وعلى الآباء توفير بيئة آمنة لأطفالهم واحتوائهم.

وتهتم الأبحاث حالياً بالسعي لاكتشاف أدوية تمنع حدوث الشيزوفرينيا للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة به.

ما هو علاج الشيزوفرينيا؟

نظرا لكثرة الفرضيات في العوامل المؤدية لحدوث الفصام، اتجه العلاج نحو أكثر من طريقة ومجرى:

1- أدوية مضادة للذهان:

تعمل هذه الأدوية عن طريق منع تأثير الدوبامين (مستقبل عصبي) على الدماغ، وقد تبدأ في معالجة القلق الشديد بعد ساعات ولكن قد يتطلب اختفاء الأعراض الأخرى المتمثلة في الهلوسات والأوهام بعض الأسابيع.

 

يتم اختيار النوع المناسب من أنواع هذه الأدوية تبعا لحالة المريض الجسدية ومدى التأثير السلبي للدواء، ويتم تناول بعض الأدوية عن طريق الفم يوميا أو عن طريق الحقن مرتين أسبوعيا. إذا لم تلاحظ تغير في الأعراض بعد أسابيع من بدء الدواء فعليك استشارة الطبيب لوصف دواء آخر.

 

قد يتم وصف هذه الأدوية خلال فترة الذهان فقط وقد يصفها بعض الأطباء لسنة أو سنتين بعد فترة الذهان للوقاية، ويتم تقييم الدواء من حين لآخر. ومن المرفوض تماماً التوقف عن تناول الدواء فجأة أو بدون استشارة الطبيب، لتفادي تضخم التأثير السلبي أو الانتكاس. وعليك أن تخبر طبيبك عن اشتداد التأثير السلبي للدواء، ومن أمثلة التأثيرات السلبية: الارتعاش والتشنجات العضلية والرؤية الضبابية، والإمساك وجفاف الفم، وقلة الرغبة الجنسية، والدوار.

 

2- الجلسات النفسية:

تنقسم الجلسات النفسية إلى جلسات العلاج السلوكي المعرفي (CBT) وجلسات العلاج الأسري. و يتضمن العلاج السلوكي المعرفي إعادة صياغة الأفكار وتغيير طريقة التفكير المعتمدة على الأوهام، والتدريب على التفكير المنطقي الواقعي، وتستمر هذه الجلسات لمدة ساعة أسبوعيا لعدة شهور.

بينما العلاج الأسري يعتمد على اجتماع الطبيب والمريض وأفراد عائلة المريض كل ٦ أشهر، وتتضمن هذه الجلسات مناقشة مرض الفصام، ومعرفة كيفية دعم مرضى الفصام، وإيجاد حلول للمشاكل التي تسببها أعراض مرض الفصام.

 

وقد يتم احتجاز بعض المرضى في المصحات والمستشفيات النفسية ويعتمد ذلك على مدى خطورة الأعراض وتأخر الحالة.

كيف أتعامل مع شخص مصاب بالفصام؟

قد يشعر الأشخاص المحيطين لمرضى الفصام ببعض المشاعر السلبية نتيجة القلق الشديد على المرضى، أو الخوف والإحراج من تصرفاتهم، أو ربما يسيطر عليهم شعورا بالعجز عن المساعدة، ولكن دعونا نناقش بعض الطرق التي يمكن أن تتم بها مساعدة المصابين:

 

1- الخطوة الأولى هي تقبل المريض، والاعتراف بالصعوبات التي تواجهه.

 

2- اقرأ أكثر عن مرض (الشيزوفرينيا)، ولا تصدق الشائعات المنتشرة حوله، ولا تساعد في وصم المرضى بالأوصاف غير العلمية، واعلم أن مريض الفصام يملك القدرة على عيش حياة طبيعية ومثمرة حين يتلقى العلاج.

 

3- قدم الدعم والاحتواء الكافي للمريض، ولكن انتبه ألا يؤثر ذلك بالسلب على حياتك واحتياجاتك.

 

4- ابق متفائلاً وطبيعياً ولا تشعر المريض باختلاف تعاملك تجاهه.

تتم هذه الخطوات عن طريق الإلمام التام بالمرض وصعوباته وأعراضه، وإذا احتجت إلى دعم نفسي للمواصلة فلا تتردد.

هل يتعافى مريض الفصام؟

التعافي أمر ممكن ولكن هذا لا يعني اختفاء الأعراض مدى الحياة وكأن شيئاً لم يكن، بل يعني التكيف والسيطرة على الأعراض المحتمل تكررها وتعلم طرق لمواجهتها والعيش معها بأقل خسائر ممكنة، وهذا يخلق حياة تستحق العيش والمواصلة.

هل لفيروس كورونا تأثير على مرضى الفصام؟

أشارت بعض الأبحاث إلى اعتبار الشيزوفرينيا من عوامل الخطر للإصابة بفايروس كورونا COVID-19.

 

“عندما تم إعلان الإغلاق الكلي بسبب كورونا، شعرت بالإحباط الشديد وأصبح الانفصال عن الواقع أكثر سهولة من أي وقت مضى، ولكن سرعان ما قاومت وبدأت في استغلال الوقت واكتشاف مهارات كنت أجهلها”

هكذا صرح أحد مصابي الفصام، مما يشير إلى التأثير السلبي للقلق من فايروس كورونا على أعراض مرض الشيزوفرينيا.

 

الخلاصة:

الفصام مرض نفسي يشمل أعراضا خطيرة ومزعجة مثل الذهان، وعدم التركيز والأوهام، ولكن التعايش مع هذه الأعراض أمر ممكن عن طريق الالتزام بالأدوية والمتابعة مع الطبيب النفسي. لذا، إذا كنت مصابا بالفصام أو تعرف شخصا مصاب فلا تصدق الشائعات المنتشرة عن هذا المرض، لا تستسلم له وسر ساعيا للعلاج في مراحل المرض الأولى.

 

المصادر:

schizophrenia

schizophrenia treatment

Types of schizophrenia

schizophrenia prevention

Stages of schizophrenia

How to support someone with schizophrenia

 

المواضيع ذات العلاقة

المواضيع الأكثر شعبية


[vc_widget_sidebar sidebar_id=”default_sidebar”]

فئات المقالات


[vc_widget_sidebar sidebar_id=”us_widget_area_category”]

المشاركات على انستجرام